كاتالوج المقالات

الرئيسية » مقالات » مقالات من كتب إسلامية » مقالات من كتاب محاسن الشريعة

الرد على شبهة من قالوا أن حد الزنا في الإسلام قاسي
يقولون : إن حد الزنا في الشريعة غاية في القسوة
 
والجواب

 
أن حد الزنا في الشريعة آية في الرحمة ، وذلك لما يلي
أولاً : لا يقام الحد ولا تثبت جريمة الزنا ، إلا بأربعة شهود ، وهذا من رحمة الله بعباده وستره لهم ، قال تعالى :
وَالَّذِينَ يَر
ْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ*
سورة النور آية 4

وهذا الإثبات غاية في الصعوبة ، والواقع يشهد بهذا .
ثانياً إذا ثبتت الجريمة ( جريمة الزنا ) بالاعتراف ، فإن أراد أن يرجع عن اعترافه قبل منه ذلك .
عن أبي سلمة وسعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فناداه فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أبك جنون). قال: لا، قال: (فهل أحصنت). قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا به فارجموه).
قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال: فكنت فيمن رجمه، فرجمناه بالمصلَّى، فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرَّة فرجمناه.
[ر:4970]

ثالثاً : أن ستر الزاني لنفسه لعله يتوب خير له من الاعتراف .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ الأَسْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ شِقِّهِ الأَيْسَرِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ ، قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْطَلِقُوا بِهِ " , فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ يَشْتَدُّ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فِي يَدِهِ لَحْيُ جَمَلٍ , فَضَرَبَهُ بِهِ فَصَرَعَهُ ، فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَوَاهُ حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ ، قَالَ : " فَهَلا تَرَكْتُمُوهُ "
رابعاً : أن الذييقام عليه الحد : قد برأت ذمته يوم القيامة ، وهو له توبة ،وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي فقال: يا رسول الله طهرني فقال: "ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه", قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال رسول الله : "ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه", قال: فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال النبي مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله : "فيم أطهرك؟", فقال: من الزنا، فسأل رسول الله : "أبه جنون؟" فأخبر أنه ليس بمجنون فقال: "أشرب خمرًا؟" فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر..
قال: فقال رسول الله : "أزنيت؟" فقال: نعم، فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، إنه جاء إلى النبي فوضع يده في يده ثم قال: اقتلني بالحجارة، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال: "استغفروا لماعز بن مالك" قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال: فقال رسول الله : "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم".
قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرني، فقال: "ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه", فقالت: أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك، قال: "وما ذاك؟", قالت: إنها حبلى من الزنا, فقال: "آنت؟" قالت: نعم, فقال لها: "حتى تضعي ما في بطنك" قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت, قال: فأتى النبي فقال: قد وضعت الغامدية فقال: "إذًا لا نرجمها وندع لها ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه", فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها

خامساً : لو أن الزانية حُبلى لا يقام عليها الحد ، إلا بعد الوضع وفطام الطفل إلا أن يتكفل أحد المسلمين برضاعه ، للحديث السابق ، فهذه رحمة الشريعة ، حتى في تطبيق الحدود .
سادساً إذا رأى العبد وحده هذه الجريمة أو اعترف لأحد من الناس لزمه أن يستر عليه .
عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ, أَنَّ هَزَّالًا كَانَ اسْتَأْجَرَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ, وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: فَاطِمَةُ قَدْ أُمْلِكَتْ, وَكَانَتْ تَرْعَى غَنَماً لَهُمْ, وَإِنَّ مَاعِزاً وَقَعَ عَلَيْهَا, فَأَخْبَرَ هَزَّالًا فَخَدَعَهُ, فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ عَسَى أَنْ يَنْزِلَ فِيكَ قُرْآنٌ, فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ, فَلَمَّا عَضَّتْهُ مَسُّ الْحِجَارَةِ انْطَلَقَ يَسْعَى, فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ جَزُورٍ أَوْ سَاقِ بَعِيرٍ فَضَرَبَهُ بِهِ فَصَرَعَهُ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ «وَيْلَكَ يَا هَزَّالُ! لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْراً لَكَ».
وكذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم
"الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
أخرجه البخاري 2442
فهذا كله بيان لرحمة الشريعة وعدلها بالأمة عامة ، وبالمحدود ومرتكب الجريمة خاصة .
من كتاب محاسن الشريعة


 
الفئة: مقالات من كتاب محاسن الشريعة | أضاف: السلفيةبورسعيد (2012-12-24)
مشاهده: 424 | الترتيب: 5.0/1
مجموع التعليقات: 0
الاسم *:
Email *:
كود *:
أهلاً بك ضيف